بسم الله الرحمن الرحيم
الكثير من الآباء والأمهات عن طاعة الأولاد لهم وجوب الامتثـال لجميع أوامرهم ، فتلك هي مسـؤوليّتهم . وإذا لم يستجيبوا للأوامر والطّلبات حتى ولو كانت غريبة ، أو مُنافية للشّرع ، فإنّهم عُصاة متمرِّدون ، والحال أنّ الله سبحانه وتعالى أراد للإنسان أبنا أو بنتاً أن يكونا محسنين بالوالدين ، ولم يطلب منهما أن يطيعاهما إلاّ فيما هو طاعةٌ له .
ومن الأدلة على ذلك : يقول تعالى:
فالعـبادة والطاعـة لله والإحسان للوالديـن ولذلك فإنّ الوالدين إذا أرادا إكراه أو إجبار أحد من أبنائهم أو بناتهم على فعل أمر مرفـوض شرعاً ، فإنّ من حقِّ هؤلاء أن لا يستجيبوا له ، بناءً على قوله تعالى : (وإن جاهداكَ على أن تُشرِك بي ما ليسَ لك بهِ عِلْم فلا تُطِعْهُما وصاحِبْهُما في الدُّنيا مَعْروفاً ). فهو إحسان في قِبال إحسان ، فلقد أحسنَ الوالدان في طفولة وصبا ، وعلى الأبناء أن يُحسنوا في هرم وشيخوخة ، وجزاء الإحسان ـ كما هو معروف ـ الإحسان ، وعلى الأبناء والبنات أن يُقابلا إحسان الأبوين بمثله أو أكبر منه ، وإن كان إحسان الوالدين ، مهما بلغ إحسان الأولاد لا يُقاس ولا يُقارَن .
وهذا هو قوله تعالى : (إمّا يبلغنّ عندكَ الكِبَر أحـدهُما أو كِلاهُما فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ ولا تَنْهَرْهُما وقُل لَهُما قَوْلاً كَريماً و اخْفض لَهُما جَـناحَ الذُّلِّ مِنَ الرّحْمَةِ ، وقُلْ رَبِّ ارْحَـمْهُما كَما رَبّياني صَغيراً ) .
ما جاء في بعض الأحاديث من طاعة الوالدين ، فالمُراد به إطاعتهما فيما أراده الله لا فيما يُخالف شريعته . وقد تكون الطاعة هنا بمعنى الإحسان والامتثال فيما يُسمّى بالأوامر الاشفاقية أمّا رضا الوالدين فهو لا يتنافى أو يتعارض مع رضا الله سبحانه وتعالى ، فإذا كان تعامل الأولاد مع الوالدين بالإحسان ـ كما أراد الله تعالى ذلك ـ فإنّ الإحسان والبرّ بهما
سوف يُدخِل السرور والرِّضا والشّكر في قلوب الوالدين ، وهذا مَدعاة لرضا الله ، فلقد جاء في الحديث : «رضا الله في رضا الوالد ـ أمّاً أو أباً ـ ، وسخط الله في سخط الوالد» . فالرِّضا والسّخط هنا متعلِّقان بـ ( البرّ ) وبـ ( العقوق)، فحتى الوالدان المشركان ينبغي أن يكون التعامل معهما بإحسان والدليل على ذلك في قوله تعالى : (فلا تُطِعْهُما وصاحِـبْهُما في الدُّنيا مَعْروفاً ) ، الأمر الذي يجـعلهما يرضـيان عن أبنائهما ، وبالتالي فإنّ ذلك قد يكون سبباً في هدايتهما .
وقال رسول الله :