شقاوة بنات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

شقاوة بنات

اهلا وسهلا فيكم في المنتدى
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 &&بحث عن سيدنا سليمان&&

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin
Admin


انثى عدد المساهمات : 1930
نقاط : 167235
السٌّمعَة : 22
تاريخ الميلاد : 04/07/1989
تاريخ التسجيل : 23/07/2009
الموقع : www.ahlam-321.yoo7.com
العمل/الترفيه : طالبه
المزاج : طفشااانه

&&بحث عن سيدنا سليمان&& Empty
مُساهمةموضوع: &&بحث عن سيدنا سليمان&&   &&بحث عن سيدنا سليمان&& Emptyالإثنين مارس 01, 2010 11:07 am

المقدمة :




قال تعالى : " لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شي وهدى ورحمة لقوم يعلمون" . (1)
إن الحمد لله نحمده ونستعين به ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، ونشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له ونشهد أن محمدا عبده ورسوله.
فالحمد لله الذي جعل لنا من قصص السابقين عبرة والصلاة والسلام على سيدنا محمد، الذي جاء بخير رسالة وفكر، وعلى آله وصحبه تسليما كثيرا.

أما بعد:


فهذه باقة من بستان القصص القرآني الكريم، فيها العظة والعبرة، نشم منها رائحة الإيمان بالله وتوحيده والإخلاص له، وحب الخير لبني آدم جميعا، ودعوتهم إلى الإيمان بالحكمة والموعظة الحسنة ومجادلتهم بالتي هي أحسن، ونغترف منها أهمية شكر الله على نعمائه التي لا تعد ولا تحصى.
ولقد جمعنا في باقتنا الجميلة العديد من الزهور ذات الروائح الجميلة وهذه الزهور هي: النعم التي أنعم الله بها على نبيه سليمان عليه السلام، وقضائه عليه السلام في قضية الحرث والغنم، وقصته في وادي النمل، وقصته مع الهدهد وبلقيس ملكة سبأ وأوردنا بجانب كل زهرة العبير الذي ارتشفناه منها، ونحن على أمل أن تعم الفائدة الجميع .
والله ولي التوفيق



سيدنا سليمان عليه السلام هبة من الله سبحانه وتعالى لأبيه داوود عليه السلام :


يبين الله سبحانه وتعالى هذه الهبة في قوله:
"... ووهبنا لداود سليمان نعم العبد انه أواب ".(1)
فالله تبارك وتعالى في هذه الآية يذكر انه رزق داوود ولدا صالحا رجّاع إلى الله في جميع أحواله ، بالمحبة والذكر والتضرع والاجتهاد في مرضاة الله وتقديمهما على كل شيء، فكان عليه السلام قرة عين لأبيه وذلك لصلاحه واستقامته في دين الله وكان نبيا من الله عز وجل وهذه أعظم درجة ينالها العبد.(2)
ومما لابد ذكره هنا – حسب الروايات – أن لسيدنا داوود عليه السلام أبناء غير سليمان، ولكن تميز سليمان من بينهم بالنبوة والمكانة الرفيعة عند الله عز وجل.
ونستفيد من امتنان الله على داوود بهبته له ابنا صالحا، على أن من نعم الله العظيمة على عبادة أن يهب لهم أولادا صالحين، فيكونوا قرة عين لهم.
ولذلك كان من دعاء عباد الرحمن:
" ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما".(3)
فلا بد للأباء أن يحرصوا على صلاح أبنائهم حتى يكرموا عند الله كرما عظيما لأن الله بشّر لمن كان له سلف أو خلف صالح أنه إذا صار إلى الجنة لحق بهم ، فما أعظمها من نعمة وهبة ، وما أرفعها من بشرى يبشر الله بها عباده المؤمنين ليحثهم وينشطهم على بذل جهدهم لإصلاح ذرياتهم .



نعم الله على سيدنا سليمان :



قال تعالى: "... ووهبنا لداود سليمان نعم العبد انه أواب . إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد . فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب . ردوها علي فطفق مسحا بالسوق والأعناق . ولقد فتنا سليمان والقينا على كرسيه جسدا ثم أناب . قال رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي انك أنت الوهاب . فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب. والشياطين كل بناء وغواص . وآخرين مقرنين بالأصفاد . هذا عطاؤنا فامنن أو امسك بغير حساب . وان له لعندنا لزلفى وحسن مآب".(4)

1- وراثة سليمان لأبيه داوود عليهما السلام :
وهذا بيانه قوله سبحانه وتعالى :" وورث سليمان داود...".(1)
والمفهوم هنا أنها وراثة العلم حيث أن سيدنا داود أوتي الملك مع النبوة والعلم، ولكن الملك لا يذكر في صدد الحديث عن نعم الله عليه وعلى أبيه داود عليهم السلام، وذلك لأن العلم هو القيمة التي تستأهل الذكر.
فطلب عليه السلام من ربه ملكا لا ينبغي لأحد من بعده لأنه أراد الاختصاص الذي يتجلى في صورة معجزة فقد أراد به النوع . أراد به ملكا ذا خصوصية تميزه من كل ملك آخر يأتي بعده وذا طبيعة معينة ليست مكررة ولا معهودة في الملك الذي يعرفه الناس.(2)

2- إيتاءه العلم :
قال تعالى :" ولقد آتينا داود وسليمان علما وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين".(3)
لقد أوتي سيدنا سليمان عليه السلام العلم كما أوتي أبيه داوود عليه السلام وهذا كما تشير إليه الآية الكريمة وفي تفسير السيد قطب لهذه الآية نجد الدواء الشافي في هذا الموضوع حيث أخبر الله سبحانه وتعالى عن أبرز النعم التي أنعم الله بها سيدنا سليمان وأبيه داود عليهما السلام ألا وهي نعمة العلم فأما عن سيدنا سليمان عليه السلام وهو محور حديثنا ففي سورة النمل تفصيل ما علمه الله عز وجل من علم منطق الطير والدواب وغير ذلك مما خصهما الله بعلمه كعلم النبوة والشريعة والحكمة وما إلى ذلك. وهنا نفق وقفة بسيطة مع علمه علية السلام بمنطق الطير حيث يظهر ذلك أيضا من إعلان سيدنا سليمان عليه السلام بنفسه وذلك في قوله تعالى:"... و قال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شي إن هذا لهو الفضل المبين". (4)
حيث يذيعها عليه السلام في الناس تحدثا بنعمة الله وإظهارا لفضله، لا مباهاة ولا تنفجا على الناس،وأيضا شكرا لله على هذه النعمة العظيمة التي فضله وآثره عن بقية عباده المؤمنين وليكون في حالة شكر دائم لله والعمل بعلمه وهذا لم يرثه من أبيه بل هو فضل من الله . فما يملك تعليم منطق الطير لبشر إلا الله، وكذلك لا يؤتي أحدا من كل شي إلا الله.


3- تسخير طائفة من الجن والإنس والطير لتكون تحت إمرته:
كذلك سخر الله سبحانه وتعالى طائفة من الجن والطير لتكون تحت إمرته ، وطوع أمره ، وطائفة الطيور المسخرة له وهبها إدراكا خاصا وسخر له الشياطين لتبني له ما يشاء من المحاريب والتماثيل والجفان الكبيرة للطعام ويغوصون له في أعماق البحر وأعماق اليابسة ، ويستخرجوا كنوزها المخبوءة لسليمان وفي طلب ما يشاء ويأتمرون بأمره بإذن الله فحفظهم الله فلا يهربون ولا يفسدون ولا يخرجون على طاعة عبده وهو القاهر فوق عباده يسخرهم حين يشاء وكيف يشاء ، وأعطاه الله السلطة في عقاب المخالفين والمفسدين ممن سخرهم له وتكبيلهم بالأصفاد مقرونة أيدهم إلى أرجلهم عند الاقتضاء .
فله مطلق الحرية فيما وهبه الله له من السلطة والنعمة ، يعطي من يشاء كيف شاء ويمسك عمن يشاء قدر ما يشاء وهذا ليس إلا زيادة في الإكرام والمنة وهذه درجة عظيمة من الرعاية والرضى والإنعام والتكريم .(1)

4- تسخير الريح لسليمان عليه السلام :
فقد سخر الله سبحانه وتعالى الريح لسيدنا سليمان عيه السلام، وتسخير الريح للعبد من عباد الله بإذن الله لا يخرج في طبيعته عن تسخير الريح لإرادة الله عز وجل حيث إنه إذا يسر الله لعبد من عباده في فترة من الفترات أن يعبر عن إرادة الله سبحانه وتعالى وان يوافق أمره أمر الله فيها وأن تجري الريح رخاء حيث أراد الله عز وجل. فالله تعالى سخرها لأمر سليمان لأنه مطابق لأمره تعالى المعبر عنه في كل حال .(2)

5- الصافنات الجياد:
الصافنات الجياد هي الخيل الكريمة التي فتن وابتلى بها الله سيدنا سليمان في ما يتعلق بالملك والسلطان كما يبتلي الله أنبياءه ليوجههم ويرشدهم ، ويبعد خطاهم عن الزلل . وأما سليمان عليه السلام فإنه رجع إلى ربه وطلب المغفرة واتجه إليه بالدعاء والرجاء .


العبر والفوائد :

1
- على المسلم ألا يغتر بالنعم ، فإن كل نعمة دون الجنة فانية ، وكل بلاء دون النار عافية .
2- علو مرتبة العلم ، فإن له منزلة عظيمة فبه يُعرف الله ويُعبد ، وبه اهتدى إليه السالكون . ومن طريقه وصل إليه الواصلون . ومن بابه دخل إليه القاصدون .
3- أن العلم لا يساوي شيئا ولا يرفع بصاحبه إلى منزلته الرفيعة إذا لم تصحبه الخشية من الله .
4- أن العلم إذا ما وجّّه في غايته المطلوبة الإيجابية كان نقمة لا نعمة ، وخرابا لا عمارا ، وهدما لا بناءً .
5- على الداعية أن يجتهد في طلب وتحصيل العلم بكل جوانبه ليدعوا إلى الله على بصيرة وعليه ألا يغتر وأن يتواضع إن كان على قدر عظيم من العلم
6- ضرورة شكر الله على نعمه ، ويكون الشكر بالقول والعمل . فبالشكر تدوم النعمة .
7- خلق النواميس وتوجيهها هو من اختصاص القدرة الإلهية الطليقة فهي ليست كعلم البشر المحدود .
8- الله تعالى قادر على تفعيل الأسباب لنصرة أوليائه فهو مصرّف الأمور كيف شاء ومتى شاء .




حكمه في قضّية الزرع :


وقصة الحرث التي حكم فيه داود وسليمان يقول الرواة في تفصيلها أن رجلين دخلا على داود ، أحدهم صاحب حرث والآخر صاحب غنم ، فقال صاحب الحرث إن غنم هذا قد نفشت في حرثي وانطلقت فيه ليلا فلم تبقي منه شيئا . فحكم داود لصاحب الحرث أن يأخذ غنم خصمه في مقابل حرثه ومر صاحب الغنم بسليمان فاخبره بقضاء داود . فدخل سليمان على أبيه فقال يا نبي الله إن القضاء غير ما قضيت ، فقال كيف ؟ قال ادفع الغنم إلى صاحب الحرث لينتفع بها ، وادفع الحرث إلى صاحب الغنم ليقوم عليه حتى يعود كما كان ثم يعيد كل منهما إلى صاحبه ما تحت يده . فيأخذ صاحب الحرث حرثه وصاحب الغنم غنمه فقال داود : القضاء ما قضيت وأمضي حكم سليمان .
وكان حكم داود وحكم سليمان في القضية اجتهادا منهما ، وكان الله حاضرا على حكمهما ، فألهم سليمان حكما ، وفهمه ذلك الوجه وهو أصوب .
لقد اتجه داود في حكمه إلى مجرد التعويض لصاحب الحرث وهذا عدل فحسب ولكن حكم سليمان تضمن مع العدل البناء والتعمير ، وجعل العدل دافعا الى البناء والتعمير وهذا هو العدل الحي الإيجابي في صورته البانية الدافعة . وهو فتح من الله والهام يهبه من يشاء . فلقد أوتى داوود وسليمان كلاهما الحكمة والعلم ، وليس في قضاء داود من خطأ ولكن قضاء سليمان كان أصوب لأنه من نبع الإلهام .(1)



العبر والفوائد :



1- على القاضي ألا يستثار وألا يتعجل ولا يأخذ بظاهر قول واحد بل عليه أن يمنح الآخر فرصة للإدلاء بقوله وحجته وعلية أن يتصف بالتريث والتثبت والتبيّن .
2- إن هذه القصة لتدلنا على أنه ليس هناك ما يمنع الولد إن كان يعرف الحكم الأصوب بأن يقوله ولو مع علمه بان أباه حكم بغيره ، وذلك لأن أمر الدين والوصول الى ما هو أفضل لا مجال فيه للخجل أو المجاملة ، فالحق والكمال هو المطلوب خصوصا إذا كان الأمر يتعلق بمصالح الناس ، فهذا سليمان عليه السلام لم تمنعه معرفته بحكم أبيه ، وقد علم هو الحكم الأصوب أن يقدمه .(1)
3- ومن أساليب التربية الصحيحة أن الأب إذا علم أن ابنه قد رأى رأيا غير رأيه فإن ذلك لا يمنعه من كونه أبا من سماع رأي ابنه واستشارته ، بل ينبغي عليه أن يسعى لاستشارته ومعرفة رأيه ، بل وقد يسر الأب لذلك وهذا الأسلوب يعطي الولد ثقة بنفسه ، ويهبه استقلالا لشخصيته ، كما يمنحه القدرة على اتخاذ القرار وقول الحق دائما والبعد عن التردد والعفوية ، وهذا الأسلوب شاهدناه في موقف داود عليه السلام حين عرف أن سليمان قد رأى رأيا غير رأيه ، فانه سعى لاستشارته .(2)
4- وهنا كذلك نشهد الأدب في مخاطبة الابن لأبيه ، إذ هو لم يبن له حكمه ورأيه في بداية الكلام ، بل أنه مهد له بأن ذكر العلة في اختياره لهذا الحكم فقال إني رأيت ما هو أرفق بالجميع ، وحتى يكون بذلك مبررا لحكمه وقوله على قول أبيه ، وإنما هو الرفق . (3)







وادي النمل :



قالى تعالى :
" وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُون . حَـتَّى إِذا أتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ. فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ".(1)

يخبر الله عز وجل عن نبيه سليمان عليه السلام أنه ركب يوما من الأيام في جيشه جميعه من الجن و الأنس يسيرون معه في تنظيم ونظام ، والطير سائرة تظله بأجنحتها من الحر وغيره و على كل من هذه الجيوش الثلاثة موزعة يجمع آخره على أوله ، وتضم صفوفه ، وتتلاءم خطاه . فلا يتقدم أحد عن موقعه و لا يتأخر . حتى إذا أتوا على واد كثير النمل قالت نملة لها صفة الإشراف والتنظيم على النمل السارح في الوادي - ومملكة النمل كمملكة النحل دقيقة التنظيم تتنوع فيها الوظائف وتؤدى كلها بنظام عجيب- حيث قالت النملة للنمل بالوسيلة التي تتفاهم بها أمة النمل وباللغة المتعارف بينها : ادخلوا مساكنكم كي لا يحطمنكم سليمان وجنوده .

يقول العلماء "ما أعقلها من نملة وما أفصحها". يَا نادت، أَيُّهَا نبّهت، ادْخُلُوا أمرت، لَا يَحْطِمَنَّكُمْ نهت، سُلَيْمَانُ خصّت، وَجُنُودُهُ عمّت، وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ اعتذرت.
فأدرك سليمان ما قالته النملة فتبسم ضاحكا من قولها. وانشرح صدره لإدراكه و المقصود من هذا أن النبي سليمان فهم ما خاطبت به النملة لأمتها من الرأي السديد و الأمر الحكيم و تبسم من ذلك على وجه الاستبشار و الفرح والسرور بما أطلعه الله عليه دون غيره فهذه نعمة الله عليه تصله بهذه العوالم المحجوبة المعزولة عن الناس لاستغلال التفاهم بينها وقيام الحواجز . وانشرح صدره له لأنه عجيبة من العجائب أن يكون للنملة هذا الإدراك ، وأن يفهم عنها النمل فيطيع ، وليس كما يقوله بعض الجهلة من أن الدواب كانت تنطق قبل سليمان و تخاطب الناس حتى أخذ عليها سليمان بن داود العهد و ألجمها فلم تتكلم مع الناس بعد ذلك فان هذا لا يقوله إلا الذين لا يعلمون و لو كان الأنس كلهم يفهمون ذلك ولو كان قد اخذ عليها العهد أن لا تتكلم مع غيره وكان هو يفهمها لم يكن في هذا أيضا فائدة يعول عليها فردّ قلبه إلى ربه الذي أنعم عليه بنعمة المعرفة الخارقة واتجه إلى ربه في إنابة يتوسل إليه . فطلب من الله أن يقيضه للشكر على ما أنعم عليه وعلى ما خصه به من المزايا على غيره وأن ييسر له العمل الصالح وأن يحشر إذا توفاه مع عباده الصالحين وقد استجاب الله له.؟

ففي تلك اللحظة التي تصور تأثره عليه السلام وقوة توجهه ، وارتعاشة وجدانه وهو يستشعر فضل الله الجزيل ويحس بالنعمة والرحمة في ارتياع وابتهال . فهو يتضرع إلى الله وهو النبي الذي أنعم الله عليه وسخر له من الجن والإنس والطير . غير آمن مكر الله حتى بعد أن اصطفاه خائفا أن يقصر به عمله ، وأن يقصر به شكره .. وكذلك تكون الحساسية المرهفة بتقوى الله وخشيته والتشوّق إلى رضاه ورحمته في اللحظة التي تتجلى فيها نعمته .
" .. ونقف هنا أمام خارقتين لا خارقة واحدة . خارقة إدراك سليمان لتحذير النملة لقومها . وخارقة إدراك النملة أن هذا سليمان وجنوده . فأما الأولى فهي مما علمه الله لسليمان . وسليمان إنسان ونبي ، فالأمر بالقياس إليه أقرب من الخارقة الأخرى البادية في مقالة النملة . فقد تدرك النملة أن هؤلاء خلق أكبر ، وأنهم يحطمون النمل إذا داسوه . وقد يهرب النمل من الخطر بحكم ما أودع الله فيه من القوى الحافظة للحياة . أما أن تدرك النملة أن هذه الشخوص هي سليمان وجنوده ، فتلك هي الخارقة الخاصة التي تخرج على المألوف".(1)



العبر والفوائد :



1- من قول الله تعالى " رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِين".(2)
أن العمل الصالح هو فضل من الله يوفق إليه من يشكر نعمته وسليمان الشاكر الذي يستعين بربه ليجمعه ويوفقه على شكر نعمته يستعين به كذلك ليوفقه إلى عمل صالح يرضاه وهو يشعر أن العمل الصالح توفيق ونعمة أخرى من الله.
2- من قول الله تعالى" وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ" يتبين لنا أن الدخول في عباد الله الصالحين رحمة من الله تتدارك العبد فتوفقه إلى العمل الصالح فيسلك في عباد الله الصالحين فهو يتضرع إلى الله مع أنه نبي مصطفى وذلك لأنه لا يأمن من مكر الله عز وجل خائفا أن يقصر من عمله وأن يقصر من شكره.
3- يتبين هناك خارقة من الله عز وجل حيث أن هذه النملة استطاعت أن تعرف أن هؤلاء الأشخاص هم سليمان وجنوده .
4-أن الشر والخير ابتلاء الإنسان ولعل ابتلاء الخير أشد على المؤمن من ابتلاء الشر لأن الخير منفذ للشيطان فكثرة المال وقوة السلطان وسطوة الجاه تدخل الغرور في القلب فينسى شكر الله المنعم ومن ثم فان دعاء سليمان اشتمل على طلب الهداية لأن الشكر اعتراف بفضل المنعم واعتراف بالتالي بالذلة والاستسلام والحاجة إلى المزيد من رب الأنام.



استخدام المنطق في الدعوة إلى الله :



1- التوجه إلى البيت الحرام :
اتسع ملك سليمان واتخذ (تدمر) عاصمة ممتلكته ، فسير السفن تمخر البحار إلى أرجاء الدنيا يدعو الناس إلى عبادة الله الواحد الأحد الفرد الصمد ، وكانت عاصمته دالة على هذا الملك العظيم الذي وهبه الله إياه ، ضخمة فخمة مهيبة ، وكان سليمان قد أتم بناء بيت المقدس في فلسطين ، مكملا بذلك ما بدأه أبوه داوود.
وذات يوم أمر سليمان أن يحشد له جيشه العظيم بكل ما فيه ومن فيه من أنس وجن وطير وحيوان ، وعلم الجميع أن هذا الحشد لا يكون إلا لأمر عظيم .
أمر سليمان جيشه بالسفر نحو البيت العتيق في مكة ، إنها سفرة كريمة مباركة لزيارة أقدس مكان على الأرض ، فقد نوى سليمان الحج مع جنده. فتم لسليمان ما أراد بتوفيق من الله ودخل المسجد الحرام آمنا مطمئنا ، وقضى المناسك والتقى بأهل مكة ، وحمل لهم أجمل بشرى وأعظمها على الإطلاق ، حيث بشرهم بأن خاتم الأنبياء والمرسلين هو محمد صلى الله عليه وسلم الذي سيظهر في مكة ، وقد كان نقش خاتم سليمان بن داوود عليهما السلام ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) وما كانت هذه البشرى العظيمة سوى تحقيق لدعاء أبينا إبراهيم عليه السلام حيث دعا ربه قائلا :" ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم ءايتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم".



2- التوجه إلى اليمن السعيد :
بعد أن أتم مهمته التي أرسله الله بها توجه إلى اليمن ، ومعه جيشه العظيم ، فوصل مدينة صنعاء ، أرضا خصبة معطاء ، وبلدا طيبا مزدهرا، فنزل بها وأقام بها هو وجيشه مدة.
كان من ضمن جيش سليمان فرقة من طيور الهدهد ، وكانت مكلفة بأعمال الاستطلاع واستكشاف أماكن الماء ، وراح سليمان يتفقد جيشه فوجد أحد طيور الهدهد غائبا دون أخذ الإذن من سليمان فقال متسائلا : "... مالي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين ". فندرك من هذا سمة من سمات شخصية سيدنا سليمان وهي سمة اليقظة والدقة والحزم فهو لم يغفل عن غيبة جندي من هذا الحشر الضخم من الجن والإنس والطير ومن ثم تظهر لنا صفة الملك العادل فهو ليس جبارا في الأرض فهو لم يسمع بعد حجة الهدهد الغائب فلا ينبغي أن يقضي في شأنه قضاء نهائيا قبل أن يسمع منه ويتبين عذره ومن ثم تبرز سمة النبي العادل وذلك عندما طلب من الهدهد أن يأتيه بحجة قوية توضح عذره وتنفي المؤاخذة عنه . وهنا يأتي الهدهد مصحوبا بنبأ عظيم ومفاجأة ضخمة لسليمان حيث وجد قوم سبأ تحكمهم امرأة أوتيت من كل شئ من عظمة ملكها وثرائها وتوافر أسباب الحضارة والقوة والمتاع وكان هؤلاء القوم يعبدون الشمس من دون الله وذلك بسبب تظليل الشيطان لهم بتزيين أعمالهم ،
ونلاحظ من كل هذا بأننا نقف أمام هدهد عجيب صاحب إدراك وذكاء وإيمان وبراعة في عرض النبأ ويقظة إلى طبيعة موقفه فلقد رأى الهدهد عجبا رأى مملكة سبأ وعلى عرشها امرأة تملكها ومن العادة أن يكون الملوك رجالا ، وقد أحاطت نفسها بكل ما يمكن أن يضفي على المماليك قوة ونفوذا ، وهيبة وجلالا ، جيش قوي، وعتاد وفير، وعرش عظيم مصنوع بالذهب والجواهر مما يدل على مالها الكثير ، وبذخها المرفّه . لم يهتم سليمان بهذه الأمور الدنيوية ولكن الذي أثار اهتمامه هو قول الهدهد " وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون ".(1)
هنا انفعل سليمان ، وهزته الغيرة لدين الله ، وأبدى استياءه واهتمامه من هؤلاء القوم الذين يتخذون الشمس شريكا لله .
وما لبث أن قال للهدهد : "سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين ".(2)
كيف يعرف سليمان إن كان الهدهد صادقا أم كاذبا ؟ كتب له كتابا توجه به إلى هذه الملكة ، وحمل الهدهد نفسه القيام بمهمة تبليغه بطريقة دبلوماسية استخبارية قائلا : ألق إليهم الكتاب من حيث لا يرونك ثم تنح عنهم بعيدا من حيث ترى وتسمع ما جري في مجلسهم .
طار الهدهد نحو مدينة مأرب عاصمة مملكة سبأ ، وما إن وصلها حتى رفرف فوق مجلس المملكة بلقيس وألقى بالرسالة في حجرها من حيث لم تره .
وما إن فتحت الرسالة وقرأتها حتى دهشت من أمر هذه الرسالة الملقاة من فوق وما تحمله من أمر خطير فجمعت بلقيس كبار دولتها ووزرائها وقادة جيشها وأخبرتهم بأمر الكتاب وما يحمله من دعوة إلى دين جديد.
إن الكتاب يحمل دلالتين عظيمتين جديرتين بهذا الاجتماع الطارئ الخطير لأن المرسل هو سليمان بن داوود الملك النبي ولأن مضمون الكتاب دعوة إلى دين الله وترك عبادة الشمس والانصياع للدخول في دعوة سليمان دون نقاش فأمر خطير إنه تنازل عن الملك وعن الدين وعن السيادة لذا فإن بلقيس رغم أنها ملكة لكنها لم تستطع البث في هذا الأمر إلا بعد استأنافها الحديث تطلب مشورة قومها وتعلن إليهم أنها لن تقطع في الأمر إلا بعد هذه المشورة برضاهم وموافقتهم وعلى عادة رجال الحاشية أبدوا استعدادهم للعمل واغتروا بقوتهم وشدة بأسهم ولكنهم فوضوا للملكة الرأي غير أن بلقيس كانت أبعد نظرا وأرصن رأيا فلم تغتر بحماسة رجالها فراحت تذكرهم بخطورة الموقف وعاقبة الانسياق مع الهوى مما يستدعي عدم معالجتها بالتهور والاعتماد على القوة لأن التجربة دلالة على أن الحروب ليس من ورائها سوى الهلاك والدمار وأن من طبيعة الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وأباحوا دماها وانتهكوا حرماتها وحطموا القوة المدافعة عنها وعلى رأسها رؤساؤها وجعلوهم أذلة لأنهم عنصر المقاومة وخربوها وآذوا أهلها بالقتل والأسر والتشريد فمن هنا تبدو سمة الملكة الأريبة وتظهر شخصية المرأة التي تكره الحروب والتدمير والتي تمضي سلاح الحيلة والملاينة قبل اتخاذ سلاح القوة والمخاشنة لهذه الأسباب فإنها تفضل الكياسة وطريق الحوار السياسة فقررت بأن ترسل إلى سليمان هدية عظيمة لأن الهدية تلين القلب وتعلن الود وقد تفلح لدفع القتال فإن قبلها سليمان فهو إذا أمر الدنيا وعندئذ تسهل مواجهته وإن لم يقبلها فهو إذا أمر العقيدة الذي لا يصرفه عنه مال ولا عرض من أعراض هذه الأرض ثم أمرت رجلا شريفا من قومها ليحمل الرد والهدية إلى سليمان .(1) 


سليمان يرفض الهدية :



وصل الوفد إلى عاصمة سليمان عجلا مسرعا يحمل معه الهدية العظيمة وما إن علم سليمان بها حتى رفضها رفضا قاطعا وأنكر على القوم أن يحسبوه من طلاب الدنيا ومن عشاق المال والترف وكأنهم يصانعونه بذلك ويسترضونه فقال لهم منكرا لقد آتاني ما هو خير من المال على الإطلاق : العلم والنبوة وتسخير الجن والطير فأفهمهم بأن الله أعطاه ملكا عظيما لم يعطيه لأحد ثم يتبع هذا الاستنكار بالتهديد والوعيد وأمر وفد بلقيس بالرجوع بالهدية وأنه سيغزو بلاده ويفتحها بجنود لم تسخر للبشر في أي مكان ولا طاقة للملكة وقومها بهم في نضال وعاد الوفد اليمني بهديته مرفوضا يجر أذيال الخيبة وقد علم حقيقة سليمان ورسالته ورأى بعينيه مدى قوة ملك سليمان وبلغ كل ذلك لملكته بلقيس وعندها تيقنت صدق حدسها وتأكدت بأن هذا ليس ملكا دنيويا كسائر الملوك ولكنه نبي يحمل رسالة سماوية.


العرش العظيم :



عاد سليمان إلى القدس ليستعد لاتخاذ الإجراءات العملية في أمر بلقيس وقومها أما بلقيس فإنها راحت تستشير قومها ومستشاريها في رد سليمان الحاسم ثم استقر رأيها على أن تسير إليه هي بنفسها في وفد عظيم من قومها حتى تعرف مطالب سليمان ودعوته عن كثب .
خرجت من سبأ في جيشها بعد أن أحكمت الحراسة على عرشها العظيم .
قد أراد سليمان عليه السلام أن يري بلقيس وجيشها قوته التي هي من قوة الله ويعرفها بمعجزة من المعجزات التي أعطاها الله لسليمان آية وعلامة ، وقد كانت هذه وسيلة لعرض مظاهر القوة الخارقة التي تؤيده لتؤثر في قلب الملكة وتقودها إلى الإيمان بالله والإذعان لدعوته فاختار أن يفاجئها بعرشها العظيم الذي تركته ورائها في قصرها في مملكة سبأ وقد سبقها حاضرا موجودا بين يديها ببيت المقدس على أن المسافة بين سبأ وبيت المقدس تقدر بشهرين للمسافر المجد .
ولما وصل خبر قدومها قال سليمان لمن حوله من جيشه القوي من الجن والإنس :
"... أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين ."(1)  وقد عرض عفريت من الجن أن يأتيه به قبل انقضاء جلسته هذه بأمانة وقوة فلا يلزمه للقيام بذلك أكثر من نصف نهار .
فاستطول سليمان هذه الفترة واستبطأها فإذا الذي عنده علم من الكتاب يعرض أن يأتي به في غمضة عين قبل أن يرتد إليه طرفه. ونظر سليمان فإذا بعرش بلقيس حاضرا بين يديه بكل زينته وفخامته متلألأ بجواهره ، لماعا بذهبه ، جاثما أمامه بكبريائه فأيقن أن ذلك لم يتم إلا بفضل من عند الله ونعمة منه وأن هذا كله اختبارا وامتحانا له لئلا يغتر ولا يطغى ، فاستشعر أن النعمة ابتلاء ضخم مخيف يحتاج إلى يقضة منه ليجتازه، ويحتاج إلى عون من الله ليتقوى عليه ويحتاج إلى معرفة النعمة والشعور بفضل المنعم ، ليعرف الله منه هذا الشعور فيتولاه .
وبعد هذه الانتفاضة أمام النعمة والشعور بما ورائها من الابتلاء يمضي سليمان في تهيئة المفاجآت للملكة القادمة عما قليل فأمر أن ينكر عرشها بتعديل بعض ما فيه وما عليه من جواهر وذهب ويموه بتغيير لونه وشكله ليختبر بذلك ذكائها ويجعلها أكثر إقرارا بقوة الله سبحانه وصدق دعوة نبيه وأكثر اعترافا بضعفها البشري ومعرفة مذلتها لرب العالمين .
فلما وصلت بلقيس إلى القدس محفوفة بوجهاء قومها وكبراء مملكتها جاءوا ملبين لدعوة سليمان قدموا جميعا مستسلمين لما يدعوهم إليه نبي الله من توحيد الله وإفراده بالعبودية وترك عبادة الشمس ولا بد أنهم سمعوها من رئيس وفدهم ما رآه من عظمة ملك سليمان ومه منحه الله من جيش عظيم لم يروا له مثيلا .
واستقبل سليمان الملكة بلقيس بما يليق بمقامها وأنزلها في قصر مهيب بنته له الجن على أروع صورة وأبهج منظر وكان أول ما واجهها وهي في القصر عرشها الذي تركته في سبأ . ولكن العرش كان منكرا اختبارا لذكائها وفطنتها وحسن نيتها لما هي مقبلة عليه وواجهها سليمان بالسؤال مباشرة " أهكذا عرشك ..."(2) وبين الحيرة والدهشة أجابت "كأنه هو..."(3) لم تكن متيقنة مما ترى لأنه شئ لا يصدقه العقل ولعل سليمان أراد أن يفاجئها منذ البداية بهزة نفسية تجعلها متيقنة بقوة الله سبحانه وتعالى وتصدق بما لا شك فيه لأن سليمان نبي من عنده مؤيد للمعجزات الباهرات فكان جوابها دليل على فراسة وبديهة في مواجهة المفاجئة العجيبة.



الصرح العجيب:


وجاء الامتحان الثاني لبلقيس حين دعاها سليمان لتدخل ساحة القصر وكانت ساحته قد أعدها الجن بطريقة عجيبة ليس في مقدور البشر في صنعها كانت الساحة مصنوعة من طبقتين زجاجيتين يجري بينها الماء وتسبح فيه الأسماك حتى إنه ليبدوا للرائي من إتقان صنعته كأنه ماء جار حقيقة لا وهما . وقفت بلقيس مبهورة مرتابة حين دعاها بقوله "ادخلي الصرح .."(1) وحسبته ماء يجري من شدة شفافية زجاجه
وتموج ماءه وحركة سمكه فكشفت عن ساقيها استعدادا لعبوره ، وما كانت ترفض دعوة سليمان الذي أراد امتحان ذكائها وفطنتها وصدق نيتها فقال لها :"إنه صرح ممرد من قوارير..."(2) إنه يبدو للرائي ماء جاريا وما هو كذلك لأنه مصنوع بطريقة توهم رائيه بصدق ما يرى وما هي في الحقيقة كذلك لأن الحقيقة مستورة بتوهم شفاف وغشاوة وضباب .
إن هذا الصرح يشبه تماما ما كانت عليه بلقيس هي وقومها من عبادة الشمس يضنونها دينا صحيحا وما هي كذلك لأنه شرك بالله وتعلق بظلال . وهكذا أبلغها سليمان خطأ معتقدها وبين لها طريق التوحيد الصحيح بهذه الطريقة الذكية التي هي من الحكمة التي أفاضها الله على سليمان .
فرجعت إلى الله وناجته معترفة بظلمها لنفسها في ما سلف من عبادة غيره معلنة إسلامها " مع سليمان" لا لسليمان ولكن " لله رب العالمين" .
لقد اهتدى قلبها واستنار فعرفت أن الإسلام لله ليس استسلاما لأحد من خلقه ، ولو كان هو سليمان النبي الملك صاحب هذه المعجزات . إنما الإسلام إسلاما لله رب العالمين ومصاحبة للمؤمنين به والداعين إلى طريقه على سنة المساواة.










العبر المستفادة :



1 إن الدولة العظيمة تبنى بالجيش المنضبط وتساس رعيتها بالعدل والرحمة وتهاب من أعدائها بقوة مالها وقدرة علمائها وذلك مما نستشفه من خلال مملكة سيدنا سليمان في كل أدوارها وصورها .
2 إن الإنسان إذا وجد أحدا يعصي الله تعالى فلا بد أن يغضب لذلك كما غضب الهدهد لأنه وجد من يعبد الشمس .
3 إن الله يرفع بالعلم ما لا يرفعه بقوة مادية أخرى ويهب العلماء الربانيين طاقة روحية تبلغ في مداها وتأثيرها ما لا تبلغه طاقة مادية أخرى وذلك ما يتجلى من خلال السرعة الخارقة والقدرة العجيبة التي أوتيها الذي عنده علم من الكتاب .
4 على الداعية استخدام الحجة والبرهان في الدعوة إلى الله وعدم قبول أي مهادنة أو تنازل في أي أمر من أمور الدين .
5 على الداعية أن يتصف بالحلم والسماحة حتى يستلين بذلك قلوب الناس .
6 الشورى هي من المبادئ العظيمة التي دعا إليها الإسلام وحث عليها .
7 النعمة هي ابتلاء عظيم يتوجب الشكر والشعور بفضل المنعم ليعرف الله منه هذا الشعور فيتولاه وينال بذلك زيادة في النعمة وحسن المعونة على اجتياز البلاء .
8 ضرورة اتخاذ الحلول المناسبة للصلح وجعل الحرب آخر وسيلة للجوء إليها بعد نفاذ كل الوسائل .
9 إن الدين الإسلامي هو الدين الحق فهو العزة التي ترفع المغلوبين إلى صف الغالبين بل التي يصبح فيها الغالب والمغلوب أخوين في الله لا غالب منهما ولا مغلوب فهما أخوين في الله رب العالمين على قدم المساواة .
10- أن الإيمان بالله تعالى هو أعظم شئ في هذا الوجود فهو خير من الدنيا وما فيها.



وفاته عليه السلام :



عاش سليمان وسط مجد دانت له فيه الأرض.. ثم قدر الله تعالى عليه الموت فمات.. ومثلما كانت حياة سليمان قمة في المجد الذي يمتلئ بالعجائب والخوارق.. كان موته آية من آيات الله تمتلئ بالعجائب والخوارق.. وهكذا جاء موته منسجما مع حياته، متسقا مع مجده ، جاءت نهاية فريدة لحياة فريدة وحافلة.
فقد روي أنه كان متكئا على عصاه يراقب الجن وهم يعملون حين وافاه أجله ، والجن تروح وتجيء مسخرة فيما كلفها إياه من عمل شاق شديد ، فلما رآه الجن ظنوا أنه يصلي واستمروا في عملهم. ومرت أيام طويلة فلم تدرك أنه مات ، حتى جاءت دابة الأرض التي تتغذى بالأعشاب . فلما نخرت عصا سليمان لم تحمله فخرّ على الأرض . وحينئذ فقط علمت الجن بموته . ولو أنهم كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين.

فلقد قدر الله تعالى أن يكون موت سليمان عليه الصلاة والسلام بشكل ينسف فكرة معرفة الجن للغيب.. تلك الفكرة التي فتن الناس بها فاستقرت في أذهان بعض البشر والجن.

فأدركوا أنه مات منذ زمن.. وتبين الجن أنهم لا يعلمون الغيب.. وعرف الناس هذه الحقيقة أيضا.. لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا يعملون له وهم يظنون أن سليمان حي، بينما هو ميت منذ فترة..
بهذه النهاية العجيبة ختم الله حياة هذا النبي الملك.
ونستفيد من ذلك أن الإيمان الحقيقي هو التسليم بالغيب وتفويض الأمر في كل شي الله وحده وكل من ادعى علم الغيب تجاوز حدود العناد إلى خصائص رب العباد فخرج بذلك من الإيمان إلى الكفر وضل من أضل وتلك هي العبرة العظيمة التي نستفيدها من كيفية موت سليمان عليه السلام.



الخاتمة :



هذه هي قصة نبي من أنبياء الله سيدنا سليمان عليه السلام الذي أحاطت به عناية الله منذ الصغر فآتاه الله الحكمة ، ورزقه العقل الراجح والفكر النيّر ..
وهذه هي العبر المستفادة منها تسوق معها المشاهد الروحانية ، التي تملأ النفس أيمانا، وتزيد العقل علما ، وتضيء القلب بنور الثبات واليقين ، لتعرض لنا طبيعة الإيمان وطبيعة الكفر في نفوس الناس ، لتبين نموذجا متكررا للقلوب المستعدة للإيمان ، في نفوس هذه النخبة المختارة من البشر ، لتوضح لنا طبيعة تصورهم للعلاقة بينهم وبين ربهم الذي خصهم بهذا الفضل العظيم .
فلقد عرضنا في هذا البحث بعض من نعم الله تعالى على سيدنا سليمان وكيف واجه سيدنا سليمان هذه النعم بالشكر والحمد كدليل على الاعتراف بفضل المنعم عليه ، كذلك تعرضنا لقصة سليمان مع بلقيس ملكة سبأ وكيف استخدم عليه السلام عقله الراجح ليدلها على طريق الهدى وما كانت عليه ظلال ، وكذلك موقف سيدنا سليمان مع الهدهد وكيف كانت ردة فعل سيدنا سليمان عندما غاب الهدهد ، وأشرنا إلى قصة سيدنا سليمان مع وادي النمل ...
وأخيرا موت سيدنا سليمان الذي أفضح ادعاءات الجن بتلك الحجة القاطعة التي تدحض زعم كل من يدعي الإطلاع على الغيب من الجن والإنس ...
ونسأل الله تعالى في ختام هذا البحث التوفيق والسداد ، فإن أحسنا فمن الله وإن أسأنا فمن أنفسنا والشيطان.

ولقد ختمت بذا الختـام مقـالــتي وعلى الإلـــه توكلي وثنــــائي
فإن كان توفيق فمن رب الورى والعجز للشيطــــان والأهـــواء
فـــي حينها أدعو الــذي بدعائـه يمحو الخطا ويزيد في النعماء
سبحــانك اللهــم ثــم بحـــمدك استغفـــرك وأتـوب من أخطاء



المراجع :



2 الإمام أبي الفداء ، إسماعيل ابن كثير. قصص الأنبياء .ج1. (بيروت : دار إحياء التراث العربي) .
3 سيد قطب ، في ظلال القرآن .ج4 و ج5. (دار الشروق ، 1451هـ ، 1994) .
4 عادل فتحي عبدالله ، قصص القرآن الميسّرة .ط1. (الإسكندرية : دار الإيمان).
5 عماد زهير حافظ ، القصص القرآني .ط1. (دار القلم ، 1410هـ ، 1990م).
6 محمد صالح ناصر ، سلسلة القصص الحق . سليمان الحكيم . ط1. (مكتبة الضامري للنشر والتوزيع ، 1423هـ ، 2003م) .
7 محمد صالح ناصر ، سلسلة القصص الحق . سليمان وبلقيس . ط1. (مكتبة الضامري للنشر والتوزيع ، 1423هـ ، 2003م) .



الفهرس :




المقدمة



نعم الله لسليمان
حكمه في قضية الزرع
وادي النمل
التوجه إلى البيت الحرام

التوجه إلى اليمن
العرش العظيم
الصرح العجيب
وفاة سليمان عليه السلام
الخاتمة
المراجع
الفهرس
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ahlam-321.yoo7.com
صمت السكون
عضو فضي
عضو فضي



عدد المساهمات : 300
نقاط : 161625
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 07/09/2009
العمل/الترفيه : طالبه

&&بحث عن سيدنا سليمان&& Empty
مُساهمةموضوع: رد: &&بحث عن سيدنا سليمان&&   &&بحث عن سيدنا سليمان&& Emptyالأحد مارس 14, 2010 12:43 pm

شكرا لك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
&&بحث عن سيدنا سليمان&&
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» بحث عن قصة سيدنا آدم عليه السلام
» بحث عن: قصة سيدنا صالح عليه السلام
» من قصص القرآن (قصة سيدنا إبراهيم و النمرود)
» [font=Arial Black]قصة سيدنا آدم عليه السلام[/font]

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شقاوة بنات  :: مساعد الطلاب :: بحوث :: اسلامية-
انتقل الى: